(مكانة المرأة في الديانة الهندوسية)
بقلم م.د انعام عبد العظيم شاهين
كلية التربية للبنات/ قسم الجغرافيا
ليست الهند مجرد أرض شاسعة، وإنما هي بلاد العجائب، ومعلم طريق لحضارة ترقى الى آلاف السنين، ومنارة ظلت الشعوب تهتدي بها في مسرتها نحو التقدم.
كانت مسألة حقوق المرأة من أكثر القضايا التي تطرح على الصعيد الاجتماعي والديني، وقد كانت المرأة مظلومة في اغلب الديانات الوضعية الشرقية، ولم يكن حالها في الهندوسية أحسن من حالها في باقي الأديان الهندية، فالهندوسية هي الديانة التي يتبعها العدد الأكبر من الهنود في العالم حيث يتجاوز عدد معتنقيها المليار انسان.
كان وضع المرأة في الهند الأسوأ، فكانوا يعاملون المرأة معاملة قاسية لا رحمة فيها. فالمرأة عندهم مملوكة لأبيها او لزوجها او لولدها الكبير ومحرومة من جميع الحقوق الملكية حتى الإرث، فمسالة المرأة في البناء الاسري والديني من الأمور الشائكة في الهندوسية ففي حين تبجل الهندوسية عدداً من الآلهة الانثى، وترى ان الالهة مؤقتة هي متممة للآلهة الذكور، وبغيرها يكون الآلهة عاجزون. فنرى احتفاءاً كبيراً ببعض الالهة مثل (شكت او شاكتي) التي تعد الالهة العليا في طائفة الشاكتية، وهي التجسيد الانثوي للإلهة (لكشمي) الهة المال والحظ وزوجة فشنو في نفس الوقت، و (بارافاتي) زوجة شيفا، وسرسوتي وهي العلم وزوجة براهما الاله الأعلى لدى الطوائف، وديفي (ديوي) او (ادي باراشاكتي) وهي التجسد الانثوي للإله. فالمرأة المتزوجة الميمونة هي مظهر من مظاهر القوة الإلهية (شاكتي). ومن سمات الهندوسية وجود أهمية للآلهة (شاكتي) او ديفي او "الام" وكلها آلهة أنثوية.
وعلى الجانب الآخر نجد في الكتب المقدسة نظرة دونية للمرأة بشكل عام، وعدم اعتداد بعقلها واختياراتها، فترى الهندوسية ان المرأة ناقصة الاهلية لا تستطيع ان تكون مستقلة بعملها، ولا ينبغي لها ان تخرج عن سلطة الرجل في أي حال من الأحوال، كما ان الرجل هو المسؤول عن تصرفاتها فيمنع التشريع الهندوسي من أي تصرف قانوني خارج عن إرادة الرجل.
وفي هذه المقالة نجد ان للمرأة ناحيتان مختلفان ولهذه الناحية قيمة مختلفة تؤدي كثيراً الى شكلها ومكانتها. فالناحية الاولى رأت على ان المرأة موضوع العبادة المقدسة وفي الناحية الاخرى على انها محتقرة وأصبحت كمصدر المشقات في العالم. والسبب من احتقارها هو ان المراة مصدر وجود الذنب في هذا العالم. وإذا انحط فصل الحياة الهندوسية فساء مكانة مرأتها، امرأة ويشا وسودري انهم يعتقد بها من اهل الذنب وقد ولدت في هذا الدنيا مخطئة.
كانت الهندوسية تمنع المرأة من مخالفة زوجها ولو كان زوجها مذنباً او ظالماً لها بالميل الى غيرها:" فعلى المرأة المخلصة ان تحترم زوجها كالإلهة ولو كان عارياً من كل فضيلة وكان يميل الى غيرها".
كما وتعد المرأة في المجتمع الهندوسي نجسة إذا حاضت او نفست ويحرم على الرجل اتيانها في حال الحيض والنفاس كما يحرم عليها ان تلمس الرجل وان تقرب من الآنية ولا يؤكل شي في دارها، ولا يوقد براهمن في دارها نار.
وكانت الارملة تعاني صعاباً كثيرة، فما دام الزواج قد ربط المرأة بزوجها رباطاُ ابدياً – اذ كانت لا تستطيع ان تهجر زوجها في اية حالة حتى ولو أصيب بالجنون فان تزوجت مرة ثانية بعد موت زوجها كان يعد جريمة فادحة، ووفقاً للقانون البرهمي كان لا بد للأرملة (إذا لم تؤثر لنقسها القتل في نار زوجها) ان تظل بغير زواج وان تحلق شعرها، وتقيم في غرفة خلف المنزل، لا تخالط احداً، ولا تتزن، او تعتني ينفسها، وتحيا حياتها معينة بأطفالها ومشتغلة بأعمال البر والإحسان.
والارملة على وجه الخصوص من المنبوذين في المجتمع الهندوسي، والمنبوذ عندهم في رتبة الحيوانات، فموت الرجل الهندوسي قاصم لظهر زوجته فلا قيام لها بعده، وتظل في حداد بقية حياتها، وعادة لا تعامل كانسان، وعد نظرها مصدراً لكل شؤم على ما تنظر اليه، وعدت مدنسه لكل شيء تمسه، وأفضل شيء لها ان تقذف نفسها في النار التي يحرق بها جثمان زوجها، والا لقيت الهوان الذي يفوق عذاب النار.
اذ حرم القانون الهندوسي على المرأة ان تتزوج بعد وفاة زوجها، وقد انتشرت في القرون المتأخرة بينهم عادة ساتي وهي ان تحرق المرأة بعد وفاة زوجها، ويبدو ان المرأة قديماً كانت مخيرة بين البقاء ارملة وبين الحرق، ثم استقر التشريع على الحرق. وسمح القانون المدني الهندوسي بالطلاق لأسباب معينة. لكن المتعارف عليه في الديانة الهندوسية انها لا تسمح بالطلاق الا في الحدود الضيقة جداً، وتحرم بعض القوانين الطلاق لان مفهوم الطلاق غريب على الهندوسية. فوفقاً لمبادئ الهندوسية الزواج هو علاقة مقدسة وعهد ألهي وسر رباني.
وكانت المرأة منحطة، لا تعد شيئاً مذكوراً، ولا يجوز لها ان تخاطب زوجها الا باحترام زائدـ، بل لا يجوز ان تتلفظ باسمه، في خشوع قائلة له: "يا مولاي" و "يا سيدي" بل " يا إلهي".
والمرأة الهندية كانت تحرم من الميراث، فعندما يموت ابوها قبل زواجها كانت تعيش عالة على ذويها وكذلك إذا مات زوجها فهي لا ترث الاب او الزوج.
ولم يكن نساء الهند يتلقين تعليماً، ففن القراءة كان في عرفهم لا يليق يأمراه، ذلك لان سلطانها على الرجال لا يقوى به، ثم هو يؤدي الى نقص فتنتها، ولان النساء ان عرفن كيف ينظرن الى اللذة والالم، والحياة والموت، نظرة فلسفية، اصابهن مس من جنون، او ابين بعد ذلك ان يظللن على خضوعهن.